الجمعة، 20 نوفمبر 2009

أحتباسُ غصة في شريآن أُنثى ..}



اعتكفتُ الحزن لِ بعض سنين , فَ ما خرجتُ مِنهُ بِ ما يُروى , ملفٌ مبتور مُكبل بِ حديد مُحكم القيد , لم يتسنى لي نبشُهُ فَ هجرته , وأعدمتهُ حتى من خاصية "للقراءة فقط" , ولكن جعلني أقف أمامه متأملة , متنفسةً بِِ حرارة مطبقةَ الشفاه .

وخزتٌ أبقت أثرً على جسدي , وبِ ِبعض بقايا أدخنه تخرج من صلب صدري , مُخلفة خلفها رماد متناثر بين أحشائي , وكسرٌ لِ النون .

فَ هذا المجتمع يقفز فوق رغبة التاء ويغلفها بِ رداء المحظور , رغم الإدعاءات التي تردد بِ الحرية والمساواة , وكأن الضعف والاستكانة أصبحت صفه ملازمة لِ الأنثى , نعم أنا خُلقت من ضلعٍ أعوج فَ لا يعني أن عليكَ أن تُقومني , فلو استقمت كُسرة , ولو تُركت نَقُصت , لا ترسم الحدود لِ حريتي فَ الكل خُلق حُر بل أجعلني أتمتع بِ انحنائي خلف مركز دائرتك , لا تملك اتجاهاتِي الأربع لأنك سَ تنسى وجود الفروع وحينها سَ أتخذ لك منها مخرجك , ولا تخلق العين الثالثة لِ ترصد خُطواتي فَ أعلم أن وشاحٌ أسود كفيلٌ ب إعمائك , ولا ترسي قواعد مِحرابك وتطلب مني الاعتكاف به فلو أنقدتُ أمامك بِ رضا فسوف ألقي عليك لعنة الإكراه خلفك , ولا يغيب عنك بِ " إن كيدهن عظيم وأن فعلُهن جسيم " .

وخروجٌ عن الموضوع سَ أعود إلى حيثُ بدأت ..

لأسير على أطراف الجدار بِ بطء كي لا أزعج المارة , وأهمس بِ وشوشات هائمة قد تقع وقد لا تقع .

أحاول أن أخلق مذهبً جديد , ونسكاً آخر أتمتم به ديني , وأقضي به حوائِجي , وأسند به ظهري , وأُسَلِمَ به جميع جوارِحي , وبدونك يا أنت .

فَ لم أجد لي منفى سوا الهروب من أرضي إلى أرضٍ أكثر تبجيلاً لِ الأنثى , أكثر إيماناً بِ كينونتها , فَ أنا أحتاج لِ أسطورة تسكُنُني وفضاء أُمارس به شغفي وتجاوزاتي لِ أفطُم به أزماتي , أحتاجُ لِ أرضٌ بِ لا حدود بِ لا هوية بِ لا زمان , أرضً أُعانق الفرح معه وأرقصُ طرباً وألهوا , أحتاجُ لِ أرضٍ أضعُ به قدمي لِ اخطوا به نحو الإنجاز نحو التقدم نحو الطموح , لِ أضع فوقَ رأسي تاج الكمال النسبي, وأصبح ملكةُ بلادي .

قد أجد بِ المقابل انهياري , انهزامي , فَ أنا سَ أُصافح الغربة سَ تُرحب بي سَ تحضنني وترعاني , سَ يكون رفيقي الوفي وحدتي , سَ أجثوا كثيراً مُتذللةٌ لِ صبري , سَ أكون كَ تلك القافلة الضالة وسَ يطمع العبارة بي , سأعاني ليلً سرمدي دائم في أرضي الباردة التي تخلوا حتى من أثار الكائنات الحية , سَ أعاني من قرصت بردي , وسَ يمزق جسدي تغريد عصافير حاجاتي .

اِكتَلتُ المحاسن والمساوئ وجدتُ المساوئ أطغى , ولكن بِ النسبة لي كانت الحسنة بِ عشرةِ أمثالها إلى مئة ضعف , إذاً .. فَ أنا سَ أنفى إلى بلاد الشقاء.

بلادُ الشقاءِ , بلاد النقاء .. بلادي ..

سَ أحكمها أنا , وسَ أشرع أتباع مذهبي كَ خيارٍ واحد وبِ الإجبار , سَ أسن قوانين قوآمتي , سَ أعيد ترتيب كياني لِ أكون أقسى أنثى عرفها البشر , سَ أحكم لِ كل مخطئ بِ الإعدام , وسَ أنبش الماضي , سَ أتسكعُ في محطات الظُلم , سَ أحمِلُ فلسفة تنحصر بين حُروف العلة والاستفهامات المنفية المحرمة , سَ أنفذ قوانين ومبادئ غير منصفةٌ أبداً , سَ أُحرم الصعود لِ محرابي والصلاة في اتجاه قبلتي , سَ أكون جبارةً وسَ أسرف في جَبروتي , سَ أخلق الاتجاه الخامس لِ أرضي , وسَ أرسي قواعِد جِدار حُدودي بِ لا منافذ , فَ من دخلها فَلن يخرج منها مهما بَلغ بهِ الهرمُ ميلاً وانحناءَ .

سَ أمنح المُتمرد على طيّبي النية وسام الإباحة , وسَ يكون الربح مقابل كُل خسارة , والسعادة مقابل التعاسة , وغسل الهموم مقابل طعن القلوب , سَ أمزقني , سَ أنسى أني كنت أنا وسَ أنثر قصاصات بقايا ماضيّي مع تلكَ الرياح العاتية , وسَ أُقاضِي روحي بِ ملفها المقبور بِ الغبار , وسَ أورثُ الأرضٍ لِ بشرِ شكوا الهم سنين , وسَ أدفن الأمنيات من زِنزانة العجز , وإلى حين سقوط عرشي .. سَ انتهي وأندثر .



**

ما دمتُ غارقة في سماء حُزني فَ لِما أخشى الأسى , وما دمتُ مُتمردة على قوامتِك فَ لما أخشى الفُقد , وما دمتُ لا أبالي لِ شخصك فَ لما أخجل , وما دمتُ خارج نِطاق الحقيقة فَ لما أحلُم ,وما دمتُ قاسية فَ لما أبكي ,وما دمت متناقضة فَ لما أُعاتب , وما دمت أنا فَ لما أريدك أن لا تكون أنت .


( لم أكن أنانيةٌ قط ولكنَ الحزنَ قبع على صدري ,

فَ لا تحاسبوني على قبيح ثَرثرتي حتى تَعلموا ما في جوفي ) .


..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق